الفصل الثاني: في ترتيب الأعمال الظاهرة من أول السفر إلى الرجوع 1

وهي عشر جمل:

الجملة الأولى في السير من أول الخروج إلى الإحرام، وهي ثماني وظائف:

  1. الأولى في المال: فينبغي أن يبدأ بالتوبة، ورد المظالم، وقضاء الديون، وإعداد النفقة لكل من تلزمه نفقته إلى وقت الرجوع، وأن يرد ما عنده من الودائع، وأن يستصحب من المال الحلال الطيب ما يكفيه لذهابه وإيابه.
  2. الثانية في الرفيق: ينبغي أن يلتمس رفيقا صالحا محبا للخير معينا عليه.
  3. الثالثة في الخروج من الدار: ينبغي إذا هم بالخروج أن يصلي ركعتين أولا، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: سورة (الكافرون)، وفي الثانية سورة الإخلاص، فإذا فرغ رفع يديه ودعا الله سبحانه عن إخلاص صاف ونية ويقول: "اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال والولد والأصحاب، احفظنا وإياهم من كل آفة وعاهة".
  4. الرابعة إذا وصل إلى باب الدار قال: "رب أعوذ بك أن أضل، أو أضل، أو أزل، أو أزل، أو أظلم، أو أظلم، أو أجهل، أو يجهل على، اللهم إني لم أخرج أشرا (وهو كفر النعمة) ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة، بل خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك وقضاء فرضك واتباع سنة نبيك وشوقا إلى لقائك".
  5. الخامسة في المركوب: فإذا ركب الراحلة يقول: "باسم الله، وبالله، والله أكبر، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون".
  6. السادسة في النزول: والسنة ألا ينزل حتى يحمى النهار ويكون أكثر سيره بالليل، وليقلل نومه بالليل حتى يكون ذلك عونا على السير.
  7. السابعة في الحراسة: ينبغي أن يحتاط بالنهار فلا يمشي منفردا خارج القافلة، وأن يكون بالليل متحفظا عند النوم.
  8. الثامنة: إذا صعد مرتفعا من الأرض فيستحب أن يكبر ثلاثا، ثم يقول: اللهم لك الشرف على كل شرف، ولك الحمد على كل حال.

الجملة الثانية في آداب الإحرام من الميقات إلى دخول مكة، وهي خمسة:

  1. الأول: أن يغتسل وينوي به غسل الإحرام.
  2. الثاني: أن يفارق الثياب المخيطة ويلبس ثوبي الإحرام.
  3. الثالث: أن ينتظر بعد لبس الثياب حتى يبدأ سفره إن كان راكبا، أو يبدأ بالسير إن كان راجلا، وأن ينوي الإحرام، ويكفي مجرد النية لانعقاد الإحرام، ولكن السنة أن يقرن بالنية لفظ التلبية.
  4. الرابع: إذا انعقد إحرامه فيستحب أن يقول: "اللهم إني أريد الحج فيسره لي وأعني على أداء فرضه وتقبله مني، اللهم إني نويت أداء فريضتك في الحج فاجعلني من الذين استجابوا لك وآمنوا بوعدك واتبعوا أمرك، واجعلني من وفدك الذين رضيت عنهم وارتضيت وقبلت منهم".
  5. الخامس: يستحب تجديد التلبية (لبيك اللهم لبيك... لبيك لا شريك لك لبيك... إن الحمد والنعمة لك والملك... لا شريك لك) في دوام الإحرام.

الجملة الثالثة في آداب دخول مكة إلى الطواف وهي ستة:

  1. الأول: أن يغتسل بذي طوى (وهو واد بمكة) لدخول مكة.
  2. الثاني: أن يقول عند الدخول في أول الحرم وهو خارج مكة: "اللهم هذا حرمك ومنك فحرم لحمى ودمى وشعري وبشري على النار، وأمني من عذابك يوم تبعث عبادك، واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك".
  3. الثالث: أن يدخل مكة من جانب أبطح وهو من ثنية كداء بفتح الكاف (وهي من أعلى مكة مما يلي مقابر مكة عند الحجون)، وإذا خرج خرج من ثنية كدى بضم الكاف (مما يلي باب العمرة).
  4. الرابع: إذا دخل مكة، وعندما يقع بصره على البيت، فليقل: "لا إله إلا الله والله وأكبر".
  5. الخامس: إذا دخل المسجد الحرام فليدخل من باب بنى شيبة، وليقل مثلما قال رسول الله ﷺ: "باسم الله، وبالله، ومن الله، وإلى الله، وفي سبيل الله٠ وعلى ملة رسول الله ﷺ"، فإذا قرب من البيت قال: "الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى".
  6. السادس: أن تقصد الحجر الأسود بعد ذلك وتمسه بيدك اليمنى وتقبله وتقول كما قال رسول الله ﷺ والسلف الصالح: "اللهم أمانتي أديتها، وميثاقي وافيته، اشهد لي بالموافاة".

الجملة الرابعة في الطواف:

فإذا أراد افتتاح الطواف إما للقدوم وإما لغيره، فينبغي أن يراعي أمورا ستة:

الأول: أن يراعي شروط الصلاة من طهارة الحدث والخبث.

الثاني: إذا فرغ من الاضطباع (وهو طريقة لبس الرداء بحيث يكشف الرجل عن كتفه الأيمن ويغطي الكتف الأيسر، ويقوم به الحاج في بداية الطواف، ويعيد الرداء إلى وضعه بعد الانتهاء من الطواف) فليجعل البيت على يساره وليقف عند الحجر الأسود، وليتنح عنه قليلا ليكون الحجر قدامه فيمر بجميع الحجر بجميع بدنه في ابتداء طوافه.

الثالث: أن يقول في ابتداء الطواف: "باسم الله والله أكبر، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك، ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد ﷺ"، ويطوف.

فأول ما يجاوز الحجر ينتهي إلى باب البيت فيقول: "اللهم هذا البيت بيتك، وهذا الحرم حرمك، وهذا الأمن أمنك، وهذا مقام العائذ بك من النار".

وعند ذكر المقام يشير بعينه إلى مقام إبراهيم - عليه السلام - ويقول: "اللهم إن بيتك عظيم، ووجهك كريم، وأنت أرحم الراحمين، فأعذنى من النار، ومن الشيطان الرجيم، وحرم لحمي ودمي على النار، وأمني من أهوال يوم القيامة، واكفني مؤنة الدنيا والآخرة"، ثم يسبح الله تعالى ويحمده، حتى يبلغ الركن العراقي، فعنده يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الشرك والشك، والكفر والنفاق، والشقاق وسوء الأخلاق، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد"٠

فإذا بلغ الميزاب (وهو ميزاب ذهبي يستخدم لتصريف مياه الأمطار من سطح الكعبة) قال: "اللهم أظلنا تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، اللهم اسقني بكأس محمد ﷺ شربة لا أظمأ بعدها أبدا".

فإذا بلغ الركن الشامي قال: "اللهم اجعله حجا مبرورا، وسعيا مشكورا، وذنبا مغفورا، وتجارة لن تبور، يا عزيز يا غفور، رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم".

فإذا بلغ الركن اليماني قال: "اللهم إنى أعوذ بك من الكفر، وأعوذ بك من الفقر، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من الخزي في الدنيا والآخرة".

ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك فتنة القبر وعذاب النار".

فإذا بلغ الحجر الأسود قال: "اللهم اغفر لي برحمتك، أعوذ برب هذا الحجر من الدين والفقر وضيق الصدر وعذاب القبر".

وعند ذلك قد تم شوط واحد، فيطوف كذلك سبعة أشواط ويدعو بهذه الأدعية في كل شوط.

الرابع: أن يرمل (والرمل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى) في ثلاثة أشواط، ويمشي في الأربعة الأخر على الهيئة المعتادة.

الخامس: إذا تم الطواف سبعا فليأت الملتزم، وهو بين الحجر والباب، وهو موضع استجابة الدعوة، وليقل: "اللهم يا رب البيت العتيق أعتق رقبتي من النار، وأعذنى من الشيطان الرجيم، وأعذنى من كل سوء، وقنعني بما رزقتني، وبارك لي فيما آتيتني".

السادس: إذا فرغ من ذلك فينبغي أن يصلي خلف المقام ركعتين يقرأ في الأولى: "قل يا أيها الكافرون"، وفى الثانية "الإخلاص" وهما ركعتا الطواف.

ثم ليعد إلى الحجر وليستلمه وليختم به الطواف، وهذه كيفية الطواف.

الجملة الخامسة في السعي:

فإذا فرغ من الطواف فليخرج من باب الصفا، و ليبدأ السعي من الصفا وليستقبل البيت قائلا: "الله أكبر الله أكبر، الحمد لله على ما هدانا، الحمد لله بمحامده كلها على جميع نعمه كلها" ثم إنه ينزل ويبتدئ السعي وهو يقول: "رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم".

فإذا انتهى إلى المروة صعدها كما صعد الصفا، ودعا بمثل ذلك الدعاء، وقد حصل السعي مرة واحدة، فإذا عاد إلى الصفا حصلت مرتان، ويفعل ذلك سبعا، ويرمل في موضع الرمل في كل مرة، فإذا فعل ذلك فقد فرغ من طواف القدوم والسعي، وهما سنتان. والطهارة مستحبة للسعي، وليست بواجبة بخلاف الطواف.


أسرار الحج
أسرار الحج
أبي حامد الغزالي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00