بَابُ مَا جَاءَ فِي لِبَاسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعَيشِه

كان صلى الله عليه وسلم يلبَسُ القميصَ ذا الأكمامِ الطويلةِ، وقد ورد أنَّ أكمامَه كانت تصلُ إلى الرسغِ، وهو المَفصِلُ بين الكفِّ والساعدِ، وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهُ الْقَمِيصُ».
كما كان يلبَسُ الخفَّينِ، ويمسحُ عليهِما أثناءَ الوضوءِ أحيانًا، وخفُّه نَعلو بذكرِه. ويلبَسُ نعلينِ مخصوفتَينِ: ومعنى مخصوفتين: الخصفُ: إصلاحُ النعلِ وخياطتُه بالمِخرَزِ. عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ يَقُولُ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْنِ مَخْصُوفَتَيْنِ».
 
وكان عليه الصلاة والسلام يلبَسُ خاتَمًا منَ الفضّةِ، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرِقٍ، وَكَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا». ومكتوبٌ على خاتَمهِ، محمَّدٌ رسولُ اللهِ، كلُّ كلمةٍ في سطرٍ. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولٌ سَطْرٌ، وَاللَّهُ سَطْرٌٌ.
وكان رسول الله يحبُّ البياضَ منَ الثيابِ ويأمرُ بارتدائها، فعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ لِيَلْبِسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ؛ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ». وكان صلى الله عليه وسلم يكتحلُ ثلاثًا، قَبْلَ أَنْ يَنَامَ: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتَحِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ بِالْإِثْمِدِ ثَلَاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ».
 
وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اذا استجدَّ شيئًا من الثيابِ سمّاه باسمِه ودعا اللهَ وحمِدَه عليه. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا  كَسَوْتَنِيهِ ، أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ». وارتدى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ألوانًا مختلفةً غيرَ الأبيضِ فارتدى الأحمرَ والأخضرَ وارتدى أنواعًا مختلفةً من الثيابِ غيرَ القميصِ، فعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنْ كَانَتْ جُمَّتُهُ لَتَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ»، وعَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ»، وعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ جُبَّةً رُومِيَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ.
 
وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يستكثرُ من الدنيا، فما شبِع قطُّ مِن خبزٍ أو لحمٍ إلا إذا أكل مع الناسِ. عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: «مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزٍ قَطُّ وَلَا لَحْمٍ، إِلَّا عَلَى ضَفَفٍ». قَالَ مَالِكٌ: سَأَلْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: مَا الضَّفَفُ؟ قَالَ: «أَنْ يَتَنَاوَلَ مَعَ النَّاسِ».
 

بَابُ مَا جَاءَ فِي خُفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونَعْلِه

عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُفَّيْنِ أَسْوَدَيْنِ سَاذَجَيْنِ، فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا".
عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ يَقُولُ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْنِ مَخْصُوفَتَيْنِ».
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا».
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، فَلْتَكُنِ الْيَمِينُ أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ».
 

بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اتخذ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خاتَمًا (خَتْمًا) كان يلبَسّه في يدِه اليمنى ويختِمُ به مراسلاتِه وإذا دخل الخلاءَ خلعه وكان مكتوبًا عليه:

محمدٌ

رسولُ

اللهِ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الْعَجَمِ قِيلَ لَهُ: إِنَّ الْعَجَمَ لَا يَقْبَلُونَ إِلَّا  كِتَابًا عَلَيْهِ خَاتَمٌ، فَاصْطَنَعَ خَاتَمًا فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي كَفِّهِ".

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، فَكَانَ فِي يَدِهِ ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ، وَيَدِ عُمَرَ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ، حَتَّى وَقَعَ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ".

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و دِرْعِه ومِغْفَرِه

كان سيفُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له يدٌ من فضةٍ وكان يتدرّعُ بدِرعينِ لبِسهما في الحربِ وكان يرتدي مِغْفَرًا على رأسِه في الحربِ.

عَنِ الزُّبَيْرِ بنِ الْعَوَّامِ قَالَ: كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ دِرْعَانِ، فَنَهَضَ إِلَى الصَّخْرَةِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَأَقْعَدَ طَلْحَةَ تَحْتَهُ، وَصَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الصَّخْرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَوْجَبَ طَلْحَةُ».

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي عِمَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ».

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اعْتَمَّ سَدَلَ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ» قَالَ نَافِعٌ: «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَفْعَلُ ذَلِكَ»، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: «وَرَأَيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمًا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ».

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ إِزَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ارتدى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الإزارَ (وهو قطعةٌ من القماشِ تُلَّفُ على النصفِ الأسفلِ من الجسم ِكالتي يلبَسُها أهلُ اليمنِ)، وأمر بألّا يتجاوزَ الكعبينِ. عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ، كِسَاءً مُلَبَّدًا وَإِزَارًا غَلِيظًا، فَقَالَتْ: «قُبِضَ رُوحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ».

عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّتِي، تُحَدِّثُ عَنْ عَمِّهَا قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمشِي بِالْمَدِينَةِ، إِذَا إِنْسَانٌ خَلْفِي يَقُولُ: «ارْفَعْ إِزَارَكَ، فَإِنَّهُ أَتْقَى وَأَبْقَى» فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هِيَ بُرْدَةٌ مَلْحَاءُ قَالَ: «أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٌ؟» فَنَظَرْتُ فَإِذَا إِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ.


الشمائل المحمدية
الشمائل المحمدية
أبي عيسى الترمذي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00