عاش الإمام الجويني جل حياته في القرن الخامس الهجري، حين كانت الدولة العباسية في طور تدهورها وانحلالها الذي بدأ في القرن الرابع حين انفصل أكثر حكام الولايات عن بغداد ووجهوا سهامهم إلى الدولة العباسية، فظهرت الدولة الفاطمية بمصر ساعية لإقامة خلافة شيعية، كما ظهر الحمدانيون في حلب والموصل، والبويهيون الشيعة في فارس والعراق، وغيرهم، وكادت الدولة العباسية أن تندثر حتى ظهر السلاجقة السُّنَّة في منتصف القرن الخامس الهجري ودخلوا فارس وبغداد والشام، وقد عاصر الجويني في النصف الأول من القرن الخامس الصراعات السياسية بين السلاجقة والبويهيين، فتارة غلب البويهيون وحاولوا نشر التشيُّع، وتارة انتصر السلاجقة فأعادوا الأمور إلى نصابها، حتى استقرت الأمور للسلاجقة وجاء أول سلاطينهم "طُغرُلْبِك" السلجوقي السُّنِّي الحنفي، لكن وزيره "عميد المُلك الكُندُري" كان معتزليا رافضيا، وفي عهده وقعت الفتنة "الكُندُرية" التي أجبرت الإمام الجويني على الفرار من نيسابور.
ومن أجل "حراسة الدين وسياسة الدنيا"، وهما الدوران الأساسيان اللذان حددهما الجويني للإمام، يجب على الإمام حماية العامة من الانزلاق إلى اتجاهات فكرية خاطئة أو حملهم على ما قد لا يستطيعون استيعابه، فقد انتقد الجويني موقف "المأمون" من بدعة "خلق القرآن" واضطهاد علماء السُّنَّة، حيث قال إن الدور الرئيس للإمام عنده هو "تأمين مجال يتيح لكل فاعل سياسي العيش وفقا لأحكام المنهجية الشرعية التي يرغب في تبنيها"، فلا يتمتع "الإمام" بسلطة مطلقة، بل يتوقف دوره على تأمين المجال العام للفاعلين السياسيين ذوي التوجهات العقلانية المختلفة